الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فحصل الارتباط والتأثير والتأثر وتأنى وصول المدد، فإذا علمت ما وضحناه لك أعلاه فأعلم أن القوى الخيالية التي في نشأة الإنسان من كونه نسخة من العالم المثالي المطلق كالجزء بالنسبة إلى الكل وكالجدول بالنسبة إلى النهر الذي هو مشروعه، وكما أن طرف الجدول الذي يلي النهر متصل به فكذلك عالم الخيال الإنساني من حيث طرفه الأعلى متصل بعالم المثال، والمثال نوعان مطلق ومقيد، فالمطلق ما حواه العرش المحيط من جميع الآثار الدنيوية والأخروية، والمقيد نوعان: نوع مقيد بالنوم، ونوع غير مقيد به مشروط بحصول غيبة أو فتور عما في الحس، هذا وأول ما يراه الأنبياء عليهم السلام الصور المثالية في النوم والخيال في اليقظة، ثم يترقّبون إلى أن يروا الملك في المثال المطلق والمقيد يقظة مع فتور في الحس وكونهم مأخوذين عن الدنيا عند نزول الوحي، إنما هو مع بقاء العقل والتمييز ليس إلا، ولهذا لم ينقص وضوءهم لأنهم عليهم السلام تنام عيونهم ولا تنام قلوبهم، كما جاء عنه صلى اللّه عليه وسلم في الصحيح، وهذه ميزة اختص بها اللّه أنبياءه دون سائر البشر، كما خصهم بالرسالة والنبوة، فلا مجال لقول بذلك والسؤال عن السبب فيه، لأنه من أفعال اللّه تعالى وأن أفعاله لا تعلل، وإنما لم تنم قلوبهم تبعا لأعينهم مثلنا لأن بواطنهم متحلية بصفات اللّه متخلقة بأخلاقه، مطهرة من أوصاف البشرية من كل ما فيه نقص ظاهر بالإضافة إلى ذروة الكمال، فضلا عن كل ما يذم لأنه عجز وضعف وآفة، ولو حلّت الآفة قلب النّبي الذي هو عمود بدنه الشريف لجاز أن يحل فيه سائر الآفات الأخرى، من توهم في الوحي والغفلة عنه والسّآمة منه وفزع يمنعه عن واجب عليه، وحاشاهم من ذلك، وقد ذكرنا قبلا في مطلع هذا البحث أن الرؤيا عبارة عن اعتقادات يخلقها اللّه تعالى في قلب النائم، وأن تلك الاعتقادات تكون علما على أمور أخر يخلقها اللّه في ثاني الحال أو حال اليقظة، والحال الأول هو النوم وهذا قول الإمام محي الدين النووي رحمه اللّه نقلا عن المازني، وتتمته فما يكون علما على ما يسر يخلقه اللّه تعالى بغير حضرة الشيطان، وما كان علما على ما يضرّ يخلقه بحضرته أي عند الرائي فيسمى الأول رؤيا وتضاف اليه تعالى اضافة تشريف، ويسمى الثاني حلما وتضاف إلى الشيطان كما هو الشائع من إضافة كل مكروه إليه، وإن كان الكل من اللّه تعالى.وهذا معنى ما جاء في قوله صلى اللّه عليه وسلم الرؤيا من اللّه والحلم من الشيطان لأن الرؤيا اسم للمحبوب، والحلم للمكروه، ولهذا لا ينبغي أن يقول رأيت حلما بل رؤيا.وقال المحدثون إذا كانت الرؤيا صادقة فهي أحاديث الملك الموكل به أي النائم، وإن كانت كاذبة فهي وساوس الشيطان والنفس، وقد يجمع بين قول المحدثين وقول المازني الذي نقله النووي بأن القصد من أنها اعتقادات إلخ أي اعتقادات تخلق بواسطة الملك أو وسوسة الشيطان مثلا، وقد تكون الرؤيا مما يحوك في صدر الرائي قبل النوم من أمور الدنيا والآخرة، فتنطبع له بمثال خيالي في نومه.واعلم أن المسببات في المشهور عن الأشاعرة مخلوقة له تعالى عند الأسباب لا بها، تدبر.وقال الفلسفيون الرؤيا انطباع الصور المنحدرة من أفق القوة المخيلة إلى الحس المشترك، فالصادقة منها إنما تكون بالملكوت لما بينهما التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق بها من المعاني الحاصلة هناك، ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبها فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة، ثم إن كانت المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت عن التعبير وإلا احتاجت إليه.واعلم أن الرؤيا كالرؤية من حيث الرسم، والمعنى على القول الصحيح، إلا أن منهم من خص الأولى بالنوم والثانية باليقظة وجعل الفرق بينها، حرفي التأنيث كالقربى والقربة، وذكرنا أول سورة الإسراء أن كلا منهما يطلق على الآخر فلا فرق بينهما، وفيه تعليل نفيس فراجعه، قال تعالى: {وَكَذلِكَ} أي مثل ما اصطفى اللّه غيرك من الأنبياء {يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} في الدنيا لإرشاد عباده وفي الآخرة لقربه في نعيم الجنان مما رفع منزلتك في هذه الرؤيا، واجتباء اللّه تعالى للعبد اصطفاؤه له وتخصيصه بفيض إلهي يحصل له منه أنواع المعجزات أو الكرامات بلا سعي منه، وهذا لا يكون إلا للأنبياء ومن يقاربهم من الصديقين العارفين {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ} التي يرونها الناس في منامهم بحيث يلقى ما تؤل به في قلبك، فكان عليه السلام أعلم الناس في تأويل الرؤيا وإنما خصه اللّه تعالى بهذه الزيادة على عيره ممن تقدمه من الأنبياء، كما خصّ كثيرا من أنبيائه بخصائص متباينة، فالتي خصّها بهذا لم يعطها لغيره راجع الآية 14 من سورة النمل لأن خلاصه من السجن مقدر على تعبيره رؤيا الملك الآتية كما هو مقدر في سابق علمه {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ} الدنيوية التي نبشرك بها في الرؤيا {عَلَيْكَ} بنعمته الأخروية فيكمل لك نعمة النبوة ونعمة الملك في الدنيا ونعمة النعيم وتجلي المنعم في الآخرة {وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ} من أهله ونسله يتمها أيضا عليهم {كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ} يعقوب {إِبْراهِيمَ} حيث خلصه من الإحراق وشرفه بالنبوة واتخذه خليلا وفدى ولده إسماعيل من الذبح {وَإِسْحاقَ} إذ أخرج من صلبه يعقوب ومن صلب يعقوب الأسباط الاثني عشر الذين أنت أجدهم وشرفهم بالنبوة ومنّ على أبيهم فجعله أبا الأنبياء كلهم من بعد نوح {إِنَّ رَبَّكَ} الذي رباك وحفظك مما قدره عليك {عَلِيمٌ} بمن يستحق الإعطاء والاصطفاء {حَكِيمٌ 6} يضع الأشياء مواضعها، ولا يفعل شيئا إلا بحكمة وعن حكمة لحكمة وفي حكمة، وقد حقق اللّه تعالى لسيدنا يوسف ذلك، إذ تاب عليهم بعد فعلتهم به، وحفظه منهم بعد أن هموا بقتله، وردّه على أبيه بعد أن قارب قلبه اليأس منه وخلصهم جميعا من قشف البداوة وجعل فيهم الملك والنبوة، وهذه الآية المدنية الثالثة من هذه السورة.
.مطلب الآية المدنية، وأسماء أخوة يوسف وأسماء الكواكب والكيد ليوسف منهم: قال تعالى: {لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ} أي في خبرهم وقصتهم معه وهم شمعون ولاوى ويهوذا وزلبون ويشجز من ليّا زوجته يعقوب الأولى بنت ليّان بنت خاله ودان وتفتوتا وجاد واستين من جاريته زلفه وبلهة ويوسف وبنيامين من راحيل أخت ليا.وأسماء الكواكب التي رآها في منامه هي: 1 أجريان 2- والطارق 3- والدنيال 4- وقابس 5- وعمودان 6- والفليق 7 والصبح 8- والضروع 9- والفرخ 10- ووثاب 11- وذو الكتفين.وهم كناية عن أخوته الأحد عشر المار ذكرهم، والشمس والقمر عن أمه وأبيه، وكان بين مبدأ الرؤيا وتحقيقها أربعين سنة، إذ كان عمره حين الرؤيا اثنتي عشرة سنة، وحين الإلقاء في البئر سبع عشرة سنة، وحين الخروج ثماني عشرة سنة، وحين الخروج من السجن أربعين سنة، إذ أدخل فيه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ومكث في بيت العزيز خمس عشر سنة وحين السجود اثنتين وخمسين سنة ووقع خلال ذلك {آياتٌ} عظيمات وعبر وعظات {لِلسَّائِلِينَ 7} عنها أخيرا في المدينة المنورة وهم اليهود إذ وجدوها موافقة لما في كتبهم وأوضح وأنصح وأبلغ مما فيها ودلالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم، لأنهم سمعوها منه وهو أمي فكانت برهانا على أنها وحي من اللّه عز وجل بلا شك ولا شبهة وكون هذه الآية والآيتين قبلها 2/ 3 مدنيات مروي عن قتادة وابن عباس رضي اللّه عنهم ومثبت في الكتب التي ذكرناها بالمقدمة في بحث مأخذ هذا التفسير، لذلك لا يلتفت إلى قول من قال أنهن مكيات والبينة تقام على الإثبات لا على النفي، قال تعالى واذكر لقومك يا سيد الرسل تفاصيل هذه القصة التي كثر السؤال عنها {إِذْ قالُوا} أخوة يوسف إلى بعضهم واللّه: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ} بنيامين {أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} أقسموا قسمين على جهتين أصابوا في الأولى هذه وأخطأوا في الثانية، وهي {إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ 8} ظاهر في عمله هذا.والعصبة الجماعة جمع لا واحد له من لفظه كالرمط والنفر والفلك والنساء، والواو للحال أي كيف يكون هذا وهما اثنان ونحن جماعة ويفضلهما علينا ويحبهما أكثر منا مع أنه لا فائدة له منهما لصغرهما، فكيف إذا كبرا ورأى منهما ما يرى منا الآن من المنافع والخدمة ونحن القائمون بمصالحه، ونحن أحق بمودته منهما.واعلم أن سبب هذه المودة والمحبة لهما لصغرهما ووفات أمهما أو لأمر تفرسه فيهما، وهذا أقرب لأنه لو كان الحب بسبب الصغر لأحب بنيامين أكثر من يوسف، ولكنه عليه السلام رأى فيه من مخايل الخير ما لم يره فيهم، وزاد ذلك ما فهم من مغزى الرؤيا وليس هو بالصغير ليقال لصغره، والصغير محبوب عند كل أحد، قيل لابنة الحسن أي بنيك أحب إليك؟ قالت الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يحضر، والمريض حتى يشفى.وقيل في هذا المعنى:وهذان البيتان وقبلهما بيتان للوزير أبي مروان عبد الملك بن إدريس الجزيري.هذا وأنه عليه السلام لم يفضله إلا بالمحبة القلبية، وهي خارجة عن وسع البشر لأنها أمر باطني، وليس في طوقه دفعها، يؤيد هذا قوله صلى اللّه عليه وسلم اللهم هذا قسمي فيما أملك ولا قدرة لي على ما لم أملك.وذلك لأنه من مقتضيات حس الأرواح التي هي من أمر اللّه وقد وقع منهم هذا قبل النبوة على القول المعتمد فلا يعد حسدهم هذا لأخويهما ورمي أباهما بالعقوق المستفاد من قولهم: {لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وإلقائهم أخاهم في البئر قادح في نبوتهم، لأن العصمة بعد التشرف بالنبوة، ويجوز قبلها أن يقع من النبي مثل ذلك، وقدمنا ما يتعلق بعصمة الأنبياء في الآية 23 من سورة الأعراف والآية 2 من سورة طه وكذلك في الآية 15 من سورة القصص المارة فراجعها.ثم بين تعالى ما قرّ عليه رأيهم من الكيد ليوسف بقوله: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} بعيدة بدلالة التنكير أي أن التخلص منه بأحد أمرين: إما بقتله أو تغريبه في مكان بعيد، لأن التغريب يحصل به المقصود كالقتل وجرمه هين خفيف، وقيل في هذا: وقال بعضهم لبعض إذا فعلتم أحد هذين الأمرين بيوسف {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} من يوسف وأخيه ويقبل عليكم بكليته لا يلتفت إلى غيركم، والمراد بالوجه الذات، قال تعالى: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ} الآية 35 من سورة الرحمن، ولفظ الوجه بهذا المعنى مكرر كثيرا في القرآن، لأن الرجل إذا أقبل على الشيء أقبل بوجهه فلذلك خص الوجه {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ} أي تنفيذ الأمر الذي تجمعون عليه من أحد الأمرين {قَوْمًا صالِحِينَ 9} بأن تتوبوا إلى ربكم من جرمكم فيعف عنكم {قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ} هو يهوذا على الأصح لأنه صاحب مشورتهم وأحسنهم رأيا، يدل عليه لفظ قائل المنوّن وإلا لقال أحدهم أو أكبرهم {لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ} لأن القتل جريمة عظيمة أخاف أن لا تغفر لكم، وإذا كنتم لابد فاعلين يا اخوتي خذوه {وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ} قعره المظلم وأسفله العميق. والغيابة كل موضع ستر شيئا وغيبه عن النظر.والجب البئر الكبيرة غير المطوية، فإذا طرحتموه فيها حصل المقصود من تغريبه، إذ قد {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} الواردين على الجب فيأخذونه إلى بلادهم، هذا رأي لكم {إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ 10} به ما ترومون افعلوا ما أشرت به عليكم، وهذا الجب معروف عندهم لذكره بال التعريفية، قيل هو بئر بيت المقدس، وقيل في الأزرق، والأحرى أن يكون البئر الموجود الآن قرب صفد في فلسطين المسمى حتى الآن ببئر يوسف، فاستصوبوا رأيه مع أن فيه إشارة إلى عدم الفعل بدليل قوله: {إِنْ كُنْتُمْ} إلخ، أي إذا كنتم مصرين على الإيقاع بيوسف فافعلوا فيه ما ذكرت لكم فهو أهون جرما عند اللّه، وفيه أمل، ثم ذهبوا إلى يوسف وصاروا يرغبونه بالذهاب معهم إلى البرية وحسنوا له النزهة في البادية، وأروه من اللطف والعطف ما حدا به أن يكلفهم بأن يقولوا لأبيهم ليأذن له بالذهاب معهم إلى المرعى، وأنه هو موافق ومحبذ ذلك، ويمنعه أدبه أن يتقدم لك بهذا، وكان ما كان وجاءوا إلى أبيهم {قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ} أنطقهم اللّه تعالى بما يوقع الريبة في قلب أبيهم، حتى إذا وقع منهم ما يلام عليه يلوم نفسه، لأنهم لم يقولوا له مالك لا ترسل يوسف معنا، بل قالوا مالك لا تأمنا عليه ليذهب إلى المرعى يتسلى بين أزهار الأرض ويستنشق ريحها العذب مع رغبته بذلك، لأنه كلفنا أن نستأذنك بالسماح له {وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ 11} فلا تخف عليه فإنا نشفق عليه ونريد له الخير، ولا غرو إنه عليه السلام أحس منهم بما أوجب أن لا يأمنهم عليه من إيماء هذه الآية، ثم ألحّوا عليه بقبول رجائهم، فقالوا: {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} معنا في البرية الواسعة ليتمتع بنضارتها وبهجتها، ومعنى الرتع الاتساع في الملاذ وأصله أكل البهائم في الخصب من الربيع، ثم أكدوا له رعايتهم إليه وعنايتهم به ومناظرتهم إليه بقولهم: {وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ 12} له من كل مكروه، وكيف لا تكون له كذلك وفيه رضاك ولم يزالوا به راجين ليأذن لهم بأخذه ليتسع صدره بالتفرج على الصيد والرمي والجري الذي يفعلونه بالبادية، وبعد أن أكدوا له مقالتهم بأصناف التأكيد، إذ أوردوا الجملة اسمية وحلوها بأن واللام وأسندوا حفظه إليهم جميعا {قالَ} يعقوب عليه السلام {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} أي مجرد ذهابكم به يؤلمني لشدة مفارقته علي وقلة صبري عن رؤيته، وقرئ {ليحزني} بالإدغام ثم قال وإنه ليريبني أن تهملوه وتتركوه وحده بانشغالكم عنه بالرعي والصيد {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} وقرئ بالياء كما قرئ {يأكله} بدون همز، ولم يأت لفظ الذئب بغير هذه السورة، قالوا إنما قال هذا لأنه رأى في منامه ذئبا شدّ عليه ولم يعلم أن قوله هذا الذي أنطقه به اللّه فيه تعليم لمكيدتهم، إذ لم يقع في نجواهم شيء من هذا ولم يخطر ببالهم أن الذئب يأكل البشر إذ ذاك، قال الشاعر: ثم ألهمه اللّه زيادة على ذلك بأن بين لهم ما يعتذرون به فختم كلامه بقوله: {وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ 13} لاهون بصيدكم ولعبكم ورميكم، فقد لقنهم عليه السلام ما يحتجون به وما يعتذرون منه إليه وقد وقع هذا القول منه عليه السلام لأولاده لأن الأنبياء عليهم السلام لمناسبتهم التامة بعالم الملكوت تكون واقعاتهم واقعة، ومن الأمثال: البلاء موكل بالمنطق.
|